الفقه

مجموع الفتاوى لابن تيمية




مجموع الفتاوى لابن تيمية

(ج: 10 - ص: 70)

وَكَذَلِكَ ` الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ ` إذَا قِيلَ فِي الْمُطَاعِ الْمَعْبُودِ: إنَّ هَذَا يُحِبُّ طَاعَتَهُ وَعِبَادَتَهُ فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ ذَلِكَ تَبَعٌ لِمَحَبَّتِهِ وَإِلَّا فَمَنْ لَا يُحِبُّ لَا يُحِبُّ طَاعَتَهُ وَعِبَادَتَهُ وَمَنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ إلَّا لِعِوَضِ يَنَالُهُ مِنْهُ أَوْ لِدَفْعِ عُقُوبَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعَاوِضًا لَهُ أَوْ مُفْتَدِيًا مِنْهُ لَا يَكُونُ مُحِبًّا لَهُ. وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا يُحِبُّهُ وَيُفَسِّرُ ذَلِكَ بِمَحَبَّةِ طَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ فَإِنَّ مَحَبَّةَ الْمَقْصُودِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَتْ مَحَبَّةَ الْوَسِيلَةِ أَوْ غَيْرَ مَحَبَّةِ الْوَسِيلَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يُعَبِّرَ بِلَفْظَيْنِ مَحَبَّةِ الْعِوَضِ وَالسَّلَامَةِ عَنْ مَحَبَّةِ الْعَمَلِ. أَمَّا مَحَبَّةُ اللَّهِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ الْعِوَضِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِعِوَضِ لَا يُقَالُ إنَّ الْأَجِيرَ يُحِبُّهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَسْتَأْجِرُ الرَّجُلُ مَنْ لَا يُحِبُّهُ بِحَالِ بَلْ مَنْ يُبْغِضُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ افْتَدَى نَفْسَهُ بِعَمَلِ مِنْ عَذَابِ مُعَذَّبٍ لَا يُقَالُ إنَّهُ يُحِبُّهُ بَلْ يَكُونُ مُبْغِضًا لَهُ. فَعُلِمَ أَنَّ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ يَمْتَنِعُ أَلَّا يَكُونَ مَعْنَاهُ إلَّا مُجَرَّدَ مَحَبَّةِ الْعَمَلِ الَّذِي يَنَالُونَ بِهِ بَعْضَ الْأَغْرَاضِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ رَبُّهُمْ مَحْبُوبًا أَصْلًا.
وَأَيْضًا فَلَفْظُ ` الْعِبَادَةِ ` مُتَضَمِّنٌ لِلْمَحَبَّةِ مَعَ الذُّلِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّةُ الْقَلْبِ لِلْبَشَرِ عَلَى طَبَقَاتٍ. أَحَدُهَا: ` الْعَلَاقَةُ ` وَهُوَ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِالْمَحْبُوبِ. ثُمَّ ` الصَّبَابَةُ ` وَهُوَ انْصِبَابُ الْقَلْبِ إلَيْهِ. ثُمَّ ` الْغَرَامُ ` وَهُوَ الْحُبُّ اللَّازِمُ. ثُمَّ ` الْعِشْقُ ` وَآخِرُ