مجموع الفتاوى لابن تيمية
مجموع الفتاوى لابن تيمية
(ج: 2 - ص: 375)
وَلَا يُقَالُ فِي أَفْضَلِ هَؤُلَاءِ: إنَّ الرَّبَّ وَالْعَبْدَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؛ لَكِنْ يُقَالُ لِأَفْضَلِ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وَقَالَ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وَقَالَ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} وَقَالَ: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الْعِبَادِ: فَإِنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ وَمَالِكُهُمْ وَرَبُّهُمْ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ مُوَافِقًا لِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ: كَانَ مُحِبًّا لِأَهْلِهِ مُكْرِمًا لَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يُسْخِطُهُ وَيَكْرَهُهُ: كَانَ مُبْغِضًا لِأَهْلِهِ مُهِينًا لَهُمْ. وَأَفْعَالُ الْعِبَادِ مَفْعُولَةٌ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ لَيْسَتْ صِفَةً لَهُ وَلَا فِعْلًا قَائِمًا بِذَاتِهِ. وقَوْله تَعَالَى {وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فَمَعْنَاهُ: وَمَا أَوْصَلْت إذْ حَذَفْت وَلَكِنَّ اللَّهَ أَوْصَلَ الْمَرْمِيَّ؛ فَإِنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ رَمَى الْمُشْرِكِينَ بِقَبْضَةِ مِنْ تُرَابٍ وَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ} فَأَوْصَلَهَا اللَّهُ إلَى وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ وَعُيُونِهِمْ؛ وَكَانَتْ قُدْرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاجِزَةً عَنْ إيصَالِهَا إلَيْهِمْ وَالرَّمْيُ لَهُ مَبْدَأٌ وَهُوَ الْحَذْفُ وَمُنْتَهَى وَهُوَ الْوُصُولُ؛ فَأَثْبَتَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ الْمَبْدَأَ بِقَوْلِهِ: {إذْ رَمَيْتَ} وَنَفَى عَنْهُ الْمُنْتَهَى وَأَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُثْبَتُ عَيْنَ الْمَنْفِيِّ؛ فَإِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ.
- فهرس الكتب والرسائل والمسائل المودعة في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
- الجزء 1: توحيد الألوهية
- الجزء 2: توحيد الربوبية
- الجزء 3: مجمل اعتقاد السلف
- الجزء 4: مفصل اعتقاد السلف
- الجزء 5: الأسماء والصفات 1
- الجزء 6: الأسماء والصفات 2
- الجزء 7: الإيمان
- الجزء 8: القدر
- الجزء 9: المنطق
- الجزء 10: علم السلوك
- الجزء 11: التصوف
- الجزء 12: القرآن كلام الله حقيقة
- الجزء 13: مقدمة التفسير
- الجزء 14: التفسير 1: الفاتحة - الأعراف
- الجزء 15: التفسير 2: الأعراف - الأحزاب
- الجزء 16: التفسير 3: الزمر - تبت
- الجزء 17: التفسير 4: الإخلاص - الناس
- الجزء 18: الحديث
- الجزء 19: أصول الفقه 1: الاتباع
- الجزء 20: أصول الفقه 2: التمذهب
- الجزء 21: الفقه 1: الطهارة
- الجزء 22: الفقه 2: الصلاة
- الجزء 23: الفقه 3: تابع الصلاة
- الجزء 24: الفقه 4: تابع الصلاة - الجنائز
- الجزء 25: الفقه 5: الزكاة - الصوم
- الجزء 26: الفقه 6: الحج
- الجزء 27: الفقه 7: الزيارة
- الجزء 28: الفقه 8: الجهاد
- الجزء 29: الفقه 9: البيع
- الجزء 30: الفقه 10: الصلح - اللقطة
- الجزء 31: الفقه 11: الوقف - العتق
- الجزء 32: الفقه 12: النكاح
- الجزء 33: الفقه 13: الطلاق
- الجزء 34: الفقه 14: الظهار - حد قطاع الطريق
- الجزء 35: الفقه 15: قتال أهل البغي - الإقرار