مجموع الفتاوى لابن تيمية
مجموع الفتاوى لابن تيمية
(ج: 16 - ص: 26)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الشَّهِيدُ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الدَّيْنُ} لَكِنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يُعْطَاهُ مِنْ حَسَنَاتِ الْقَاتِلِ. فَمِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ الْحَسَنَاتِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مَا يُقَابِلُ حَقَّ الْمَقْتُولِ وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى أَنَّ الْقَتْلَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ بَعْدَ الْكُفْرِ فَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِهِ حَسَنَاتٌ تُقَابِلُ حَقَّ الْمَقْتُولِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لَهُ سَيِّئَاتٌ يُعَذَّبُ بِهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَدْ يَقَعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ فَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَنْ تَابَ وَأَخْلَصَ: وَعَجَزَ عَنْ حَسَنَاتٍ تُعَادِلُ حَقَّ الْمَظْلُومِ هَلْ يُجْعَلُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَقْتُولِ مَا يُعَذَّبُ بِهِ؟ وَهَذَا مَوْضِعٌ دَقِيقٌ عَلَى مِثْلِهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُنَافِي مُوجَبَ الْآيَةِ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ كُلَّ ذَنْبٍ الشِّرْكَ وَالْقَتْلَ وَالزِّنَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْأَفْعَالِ مُطْلَقَةٌ فِي الْأَشْخَاصِ. وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: {اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي أَحْوَالِ. . . (1) الْأَرْجُلِ؛ إذْ قَدْ تَكُونُ مَسْتُورَةً بِالْخُفِّ وَاللَّفْظُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى الْأَحْوَالِ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} عَامٌّ فِي الْأَوْلَادِ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ؟ إذْ قَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ مُوَافِقًا فِي الدِّينِ وَمُخَالِفًا وَحُرًّا وَعَبْدًا. وَاللَّفْظُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى الْأَحْوَالِ.
_________
Q (1) سقط بالأصل
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص 137) :
والذي يظهر أن العبارة مع السقط هي: (` فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ` عام في الأشخاص مطلق في أحوال [المشركين، وكذلك قوله تعالى: ` وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ` فهذا عام في الأرجل مطلق في أحوال] الأرجل، إذ قد تكون مستورة بالخف. . .) (1) .
تنبيه:
بعد هذا بسطر قال (وكذلك قوله: ` يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ` عام في الأولاد عام في الأحوال) ، وهو - والله أعلم - وهم من الناسخ، وصوابه (عام في الأولاد مطلق في الأحوال) .
(1) انظر المنهاج: 4 / 179.
- فهرس الكتب والرسائل والمسائل المودعة في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
- الجزء 1: توحيد الألوهية
- الجزء 2: توحيد الربوبية
- الجزء 3: مجمل اعتقاد السلف
- الجزء 4: مفصل اعتقاد السلف
- الجزء 5: الأسماء والصفات 1
- الجزء 6: الأسماء والصفات 2
- الجزء 7: الإيمان
- الجزء 8: القدر
- الجزء 9: المنطق
- الجزء 10: علم السلوك
- الجزء 11: التصوف
- الجزء 12: القرآن كلام الله حقيقة
- الجزء 13: مقدمة التفسير
- الجزء 14: التفسير 1: الفاتحة - الأعراف
- الجزء 15: التفسير 2: الأعراف - الأحزاب
- الجزء 16: التفسير 3: الزمر - تبت
- الجزء 17: التفسير 4: الإخلاص - الناس
- الجزء 18: الحديث
- الجزء 19: أصول الفقه 1: الاتباع
- الجزء 20: أصول الفقه 2: التمذهب
- الجزء 21: الفقه 1: الطهارة
- الجزء 22: الفقه 2: الصلاة
- الجزء 23: الفقه 3: تابع الصلاة
- الجزء 24: الفقه 4: تابع الصلاة - الجنائز
- الجزء 25: الفقه 5: الزكاة - الصوم
- الجزء 26: الفقه 6: الحج
- الجزء 27: الفقه 7: الزيارة
- الجزء 28: الفقه 8: الجهاد
- الجزء 29: الفقه 9: البيع
- الجزء 30: الفقه 10: الصلح - اللقطة
- الجزء 31: الفقه 11: الوقف - العتق
- الجزء 32: الفقه 12: النكاح
- الجزء 33: الفقه 13: الطلاق
- الجزء 34: الفقه 14: الظهار - حد قطاع الطريق
- الجزء 35: الفقه 15: قتال أهل البغي - الإقرار