الفقه

مجموع الفتاوى لابن تيمية




مجموع الفتاوى لابن تيمية

(ج: 32 - ص: 15)

بَابُ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
فَصْلٌ:
عُمْدَةُ مَنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَّا بِلَفْظِ ` الْإِنْكَاحِ ` و ` التَّزْوِيجِ ` - وَهُمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَابْنُ حَامِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا كَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ بَعْدَهُ - إلَّا فِي لَفْظِ ` أَعْتَقْتُك وَجُعِلَ عِتْقُك صَدَاقَك ` أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا سِوَى هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ ` كِنَايَةٌ ` وَالْكِنَايَةُ لَا تَقْتَضِي الْحُكْمَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالنِّيَّةُ فِي الْقَلْبِ لَا تُعْلَمُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِالْكِنَايَةِ لِأَنَّ صِحَّتَهُ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَالنِّيَّةُ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهَا؛ بِخِلَافِ مَا يَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ: مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَبَيْعٍ؛ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ ذَلِكَ تَعَبُّدًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ ثُبُوتِ الْعِبَادَاتِ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ لَا يُصَحِّحُهُ إلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ. ` أَحَدُهَا ` لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا سِوَى هَذَيْنِ كِنَايَةٌ؛ بَلْ ثَمَّ أَلْفَاظٌ هِيَ حَقَائِقُ عُرْفِيَّةٌ فِي الْعَقْدِ أَبْلَغُ مِنْ لَفْظِ ` أَنْكَحْت ` فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ وَلَفْظَ ` الْإِمْلَاكِ ` خَاصٌّ بِالْعَقْدِ لَا يُفْهَمُ إذَا قَالَ الْقَائِلُ: أُمْلِكُ فُلَانٌ عَلَى فُلَانَةٍ. إلَّا الْعَقْدُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: {أَمْلَكْتُكهَا عَلَى مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ} سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى.