الفقه

مجموع الفتاوى لابن تيمية




مجموع الفتاوى لابن تيمية

(ج: 32 - ص: 16)

` الثَّانِي ` أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكِنَايَةَ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا؛ بَلْ إذَا قُرِنَ بِهَا لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ أَوْ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ كَانَتْ صَرِيحَةً كَمَا قَالُوا فِي ` الْوَقْفِ ` إنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ: كتصدقت وَحَرَّمْت وَأَبَّدْت. إذَا قُرِنَ بِهَا لَفْظٌ أَوْ حُكْمٌ. فَإِذَا قَالَ: أَمْلَكْتُكهَا فَقَالَ: قَبِلْت هَذَا التَّزْوِيجَ. أَوْ أَعْطَيْتُكهَا زَوْجَةً فَقَالَ: قَبِلْت. أَوْ أَمْلَكْتُكهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفِ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ: فَقَدْ قَرَنَ بِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْكَامِ مَا يَجْعَلُهُ صَرِيحًا. ` الثَّالِثُ ` أَنَّ إضَافَةَ ذَلِكَ إلَى الْحُرَّةِ يُبَيِّنُ الْمَعْنَى؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ فِي ابْنَتِهِ: مَلَّكْتُكهَا أَوْ أَعْطَيْتُكهَا أَوْ زَوَّجْتُكهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ: فَالْمَحَلُّ يَنْفِي الْإِجْمَالَ وَالِاشْتِرَاكَ. ` الرَّابِعُ ` أَنَّ هَذَا مَنْقُوضٌ عَلَيْهِمْ بِالشَّهَادَةِ فِي الرَّجْعَةِ؛ فَإِنَّهَا مَشْرُوعَةٌ إمَّا وَاجِبَةً وَإِمَّا مُسْتَحَبَّةً. وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ عَلَى قَوْلٍ وَبِالشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِصَرِيحِ أَوْ كِنَايَةٍ مُفَسِّرَةٍ. ` الْخَامِسُ `: أَنَّ الشَّهَادَةَ تَصِحُّ عَلَى الْعَقْدِ. وَيَثْبُتُ بِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى أَيِّ صُورَةٍ انْعَقَدَتْ. فَعُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَ الشَّهَادَةِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ. ` السَّادِسُ ` أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ يُمْكِنُهُمَا تَفْسِيرُ مُرَادِهِمَا وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَى مَا فَسَّرُوهُ.