الفقه

مجموع الفتاوى لابن باز




مجموع الفتاوى لابن باز

(ج: 3 - ص: 331)

وقال تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (¬1) ومن تأمل المقام أيضا عرف أن القول بتحديد النسل مخالف لمصالح الأمة فإن كثرة النسل من أسباب قوة الأمة وعزتها ومنعتها وهيبتها وتحديد النسل بضد ذلك يفضي إلي قلتها وضعفها بل إلى فنائها وانقراضها، وهذا واضح لجميع العقلاء لا يحتاج إلى تدليل وأما تخوف المفتي من كثرة السكان وقول الخبراء إن ذلك ينذر بالويل والثبور فهذا شيء لا ينبغي للعاقل، فضلا عن العالم أن يلتفت إليه بأن يعلق به أحكاما تخالف الشريعة وعلم الغيب إلى الله سبحانه هو خالق العباد ورازقهم وهو القائل في كتابه الكريم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (¬3) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (¬4) وهو القائل عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (¬5) والقائل: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬6) والقائل: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬7) وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة «أن الله سبحانه إذا خلق الجنين أمر الملك أن يكتب رزقه وأجله وعمله (¬8) » ، فكل مخلوق له رزقه المقدر على حسب ما يسر الله من الأسباب، فكيف يليق بالعاقل أن يستحسن أو يبيح تحديد النسل خوفا من ضيق العيش والله سبحانه المتكفل بالرزق والقادر على كل شيء؟ وإذا كان السكان
¬__________
(¬1) سورة الكهف الآية 46
(¬2) سورة الذاريات الآية 56
(¬3) سورة الذاريات الآية 57
(¬4) سورة الذاريات الآية 58
(¬5) سورة هود الآية 6
(¬6) سورة العنكبوت الآية 60
(¬7) سورة العنكبوت الآية 17
(¬8) صحيح البخاري التوحيد (7454) ، صحيح مسلم القدر (2643) ، سنن الترمذي القدر (2137) ، سنن أبو داود السنة (4708) ، سنن ابن ماجه المقدمة (76) ، مسند أحمد بن حنبل (1/414) .