الفقه

مجموع الفتاوى لابن باز




مجموع الفتاوى لابن باز

(ج: 5 - ص: 331)

بصيرة أن يعلموا الناس العقيدة الصحيحة، ويحذروهم من هذا الشرك في كل مكان، وفي كل زمان؛ لقول الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬1) وقوله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬2) وقول النبي عليه السلام: «الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (¬3) » خرجه الإمام مسلم - رحمه الله - في صحيحه، ولقول النبي عليه السلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬4) » ، «ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى خيبر ليدعو اليهود إلى الإسلام قال له عليه الصلاة والسلام: ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬5) » متفق على صحته. أقسم عليه السلام - وهو الصادق وإن لم يحلف - أن هداية واحد على يد الداعية إلى الله خير له من حمر النعم، يعني خير من جميع النوق الحمر، والمعنى خير من الدنيا وما عليها، فدل ذلك على وجوب التناصح والدعوة إلى الله، وبيان حق الله على عباده، وتحذيرهم من الشرك حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، كما يدل على أن المقصود من الجهاد هو هداية الكفار وإخراجهم من الظلمات إلى النور لا قتالهم ولا سبي نساءهم وأموالهم، وإنما يلجأ المسلمون إلى القتال عند امتناع الكفار من الدخول في الإسلام، ومن بذل الجزية إذا كانوا من أهلها.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان إنه سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
¬__________
(¬1) سورة النحل الآية 125
(¬2) سورة فصلت الآية 33
(¬3) صحيح مسلم الإيمان (55) ، سنن النسائي البيعة (4198) ، سنن أبو داود الأدب (4944) ، مسند أحمد بن حنبل (4/102) .
(¬4) صحيح مسلم الإمارة (1893) ، سنن الترمذي العلم (2671) ، سنن أبو داود الأدب (5129) ، مسند أحمد بن حنبل (4/120) .
(¬5) صحيح البخاري المناقب (3701) ، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406) ، سنن أبو داود العلم (3661) ، مسند أحمد بن حنبل (5/333) .