الفقه

مجموع الفتاوى لابن باز




مجموع الفتاوى لابن باز

(ج: 2 - ص: 236)

ثم إن هذه الشريعة العظيمة أيضا نظمت العلاقات بين الأسرة في نفسها، أسرة الإنسان وقراباته بما شرع الله من صلة الرحم والمواريث، والتعاون فيما بين الأسرة حتى تكون مرتبطة متعاونة على ما يرضي ربنا عز وجل، متحابة فيما بينها هذا من رحمته وإحسانه جل وعلا أن جعل بين ذوي القرابات صلة خاصة تصل بعضهم ببعض وتجمع بعضهم إلى بعض وتربط بعضهم ببعض، فشرع صلة الرحم وحث على ذلك وتوعد على ترك ذلك، فقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا يدخل الجنة قاطع (¬1) » يعني قاطع رحم، وقال جل وعلا في كتابه العظيم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (¬2) {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (¬3) وفي الحديث أيضا: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه (¬4) » وهكذا شرع العلاقات الطيبة بين المسلمين في جميع المعاملات. فجعلهم إخوة يتحابون في الله ويتعاونون على الخير في جميع المجالات. وهذه أعظم صلة وأعظم رابطة بين المسلمين، الرابطة الإسلامية والأخوة الإيمانية وهي أعظم رابطة وهي فوق رابطة القرابة والصداقات وكل رابطة بين الناس، فالرابطة الإسلامية والأخوة بين المسلمين فوقها، فالله سبحانه وتعالى جعل المسلمين فيما بيهم إخوة وأوجب عليهم أن يحب بعضهم لبعض، الخير ويكره له الشر، وأن يكونوا فيما بينهم متحابين متناصحين متعاونين حتى يكونوا كتلة واحدة وجماعة واحدة وصف واحدا وأمة واحدة {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (¬5)
¬__________
(¬1) صحيح البخاري الأدب (5984) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2556) ، سنن الترمذي البر والصلة (1909) ، سنن أبو داود الزكاة (1696) ، مسند أحمد بن حنبل (4/83) .
(¬2) سورة محمد الآية 22
(¬3) سورة محمد الآية 23
(¬4) صحيح البخاري الأدب (5986) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2557) ، سنن أبو داود الزكاة (1693) ، مسند أحمد بن حنبل (3/247) .
(¬5) سورة الأنبياء الآية 92