الدرر السنية في الأجوبة النجدية
الدرر السنية في الأجوبة النجدية
(ج: 5 - ص: 109)
الأنبياء مساجد، ولعن من فعل ذلك، ولما قال ذلك أعلم الخلق به: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، انتهى.
قلت: وفي هذه الأحاديث ما يبطل هذا التحريف الذي أشار إليه العلامة، كتحريف شارح المشارق، فإن قوله صلى الله عليه وسلم: ` لا تتخذوا قبري عيداً ` 1 مسبوق وملحق بما يبين معناه، كقوله: ` وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ` 2، وكقوله في الحديث الذي رواه الحسن بن الحسين ` لعن الله إليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ` 3، وغير ذلك مما هو ظاهر، يبين مراده صلى الله عليه وسلم أنه خشي على أمته تعظيم القبور والغلو فيها، كما في الموطإ عن عطاء بن أبي رباح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ` اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد. اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ` 4؛ وهذا الحديث صريح في بيان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بالجملة الأولى من الحديث، والجملة الثانية، حَمَى صلى الله عليه وسلم حِِمَى التوحيد، ومثل هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: ` لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ` 5.
[من أعظم أسباب الشرك تعظيم القبور]
فقد عرفت مما تقدم: أن من أعظم أسباب الشرك تعظيم القبور والعكوف عندها؛ ولا ريب أن ذلك يفضي إلى الالتجاء إليها، والتعلق بها، والرغبة إليها، ونحو ذلك من المحبة، وخطابها بالحوائج، وغير ذلك مما لا يمكن عده،
__________
1 مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (780) , والترمذي: فضائل القرآن (2877) , وأبو داود: المناسك (2042) , وأحمد (2/367) .
2 أبو داود: المناسك (2042) , وأحمد (2/284, 2/337, 2/367, 2/378, 2/388) .
3 البخاري: المغازي (4441) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (531) , والنسائي: المساجد (703) , وأحمد (1/218, 6/34, 6/80, 6/121, 6/146, 6/252, 6/255, 6/274) , والدارمي: الصلاة (1403) .
4 مالك: النداء للصلاة (416) .
5 البخاري: أحاديث الأنبياء (3445) , وأحمد (1/23, 1/24) .
- المجلد الأول: (كتاب العقائد)
- المجلد الثاني: (كتاب التوحيد)
- المجلد الثالث: (كتاب الأسماء والصفات)
- المجلد الرابع: (القسم الأول من كتاب العبادات)
- المجلد الخامس: (القسم الثاني من كتاب العبادات)
- المجلد السادس: (كتاب البيع)
- المجلد السابع: (من كتاب الوقف إلى نهاية الإقرار)
- المجلد الثامن: (القسم الأول من: كتاب الجهاد)
- المجلد التاسع: (القسم الثاني من: كتاب الجهاد، وأول كتاب حكم المرتد)
- المجلد العاشر: (القسم الأخير من كتاب حكم المرتد)
- المجلد الحادي عشر: (القسم الأول من كتاب مختصرات الردود)
- المجلد الثاني عشر: (القسم الثاني من كتاب مختصرات الردود)
- المجلد الثالث عشر: (تفسير واستنباط لسور وآيات من القرآن الكريم)
- المجلد الرابع عشر: (كتاب النصائح)
- المجلد الخامس عشر: (القسم الأول من البيان الواضح وأنبل النصائح عن ارتكاب الفضائح)
- المجلد السادس عشر: (القسم الثاني من البيان الواضح، وتراجم أصحاب تلك الرسائل والأجوبة)